إن أقدم ذكر لمدينة |غزة| تاريخياً، ورد في كتاب التواريخ ( الكتاب الثالث، الفصل الخامس) للمؤرخ الأشهر هيرودوت، والذي سماها بالنصوص اليونانية cadytis ، وهي التسمية الفارسية للمدينة، في حين وردت باسمها في الترجمات، وكعادة هيرودوت المولع بالفاتحين والملوك والمنتصرين، ذكرها في سياق حصار الاسكندر لها بعد حصار مدينة صور في القرن الرابع قبل الميلاد، ووصفها بالمدينة العظيمة التي تضاهي سارديس (أكبر مدن آسيا الوسطى في ذلك الوقت وتقع في تركيا حالياً)، وأنها الطريق الوحيد للدخول إلى مصر، وكعادته أيضا لما يتحدث عن ساكنيها ولا قتال أهلها للاسكندر•
اما يوسيفوس في القرن الأول للميلاد، وهو المؤرخ المولع بالتاريخ اليهودي، فقد ذكر في كتاب تاريخ اليهود أن الاسكندر ينايوس حاصرها سنة ٩٦ قبل الميلاد لأنها وقفت إلى جانب مصر ضد اليهودية، فيما يبدو أن هذه المدينة لم تعرف يوماً الحياد، ولا حسابات السياسة، وتمارس هوايتها التاريخية في المواقف منذ نشأتها قبل الميلاد•
وفي البحث مجدداً عن أي ذكر تاريخي قديم لسكان المدينة، فقد ذكر يوسيفوس في كتابه انتيكوتيس ان قائد الحامية العسكرية المحلية لمدينة |غزة| الذي تصدى للاسكندر الأكبر كان اسمه بابميسس، ولا يوجد أي ذكر لهذا الشخص في أي مرجع آخر، ولا يوجد أي تفاصيل عن حياته وما حل به بعد هزيمة المدينة على يد الاسكندر•
أما سترابو في القرن الأول قبل الميلاد، وهو جغرافي أكثر من كونه مؤرخ، فقد ذكر |غزة| كمدينة خصبة ومركز تجاري، ومثله بليني وأوسابيوس بوصفها مدينة كبرى في العصور الرومانية، ومرة أخرى سقط الناس من حسابات المؤرخ•
أكتب ذلك وانا اتساءل بحق، من سيكتب تاريخنا؟ وكيف سيكتبه؟ هل سنسقط كما سقط بابميسس من كتب المؤرخين؟!
لقد سقطت مدينتنا فهل تسقط سرديتنا ؟!
باسل

