على سجيِّتها تمشي وأمشي مثلها واثقاً، وأستعيدُ رزانتي، وصدقَ ملامحي، وأتوضأ لصلاةٍ قدْ لا أدركها هازئًا بالموتِ والحياة، على سجيتها تمشي وتحكي حكايات لا يبالي أحد إن كانت حقيقة أم خرافة ما دامت لا تتدخل في الدين أو المال أو النساء،على سجيِّتها تمشي، وتحصدنا بين حصادين، ونتبعها كأنّ اتباعها أسمى الأخلاق، وتجاهلها عين نفاق، تجمعنا ولا تفرقنا، ونرضى أن تكون لنا جميعاً ولا ترضى ان نكون لها فرادى ولا مجتمعين ... على سجيتها تمشي وتغتسلُ في الجدول دون أن يخلع الجدولُ عن وجهها طبقةً سميكةً من الرياء أو مساحيق التجميل فتزداد هي جمالاً ويزدادُ ماءُ الجدولِ طهراً!
على سجيّتها تمشي، كأنها تغزلُ الأرضَ بقدميها، وكأن خيوط الشمسِ تغزلُ ما نقضه الزمنُ من غزلِ ثوبِها الريفي، وتقيس الوقتَ بحركةِ العشب في الهواء لتدرك كم تأخرت عن منزلها الصغير، فتسرع خطاها ويزيد النسيمُ من تشبثه بأطراف ثوبها، وتزيدُ هي سرعتها دون أن تسرق السرعةُ رقة خطاها !!
وأمشي خفيفاً، بين وجه فتاةٍ دميمةٍ وما يغطيه من مساحيق تجميلها، ولا أحفل بشاعرٍ يتبعني يعرفُ الفرقَ بين البحر والبحر ولا يعرف الفرقَ بين البحر والنهر، ولا بغجرية لا تنفك تتنبأ بموتي وهزائمي، وأنا المفتونُ بالمكان وبسذاجتي حين عرفتُ الفلسفات كلها و روضت الطبيعةَ وما رواءها، ولم أعرفْ يوماً عن فلسفةِ ما وراء مساحيق التجميل، وأنا المنسي بين ذاكرتين، والوحيد بين كل الثنائيات على اختلاف علاقاتها من التجانس للتضاد ..... ولقد ضقت ذرعاُ برزانتي وصمتي، فرحت أطارد الشهب والسحب من زمن لزمن، وأدوخ النسبية وزمن الزمن، صادفت القدر فغرسته في الأرض شجرة لا تثمر ولا تظل مسافراً كلما مرَ لعنها، بصقت في وجه الشمس البلهاء كم فتنت من أمم وملوك وأنبياء قبلي، أحرقت مدناً لم تعجبني شقرة نسائها، وأقمتُ في مدنٍ أجهل اسمها لكن راقني شعر نسائها الكستنائي في غدائره الغليظة، حاربت في جيوش تهتف لثائر لا أعرفه، واقتفيت أثر الذين رحلوا وأغريتهم فعادواً، وأزعجت الذي أقاموا فرحلوا، واسترحت بين سجدتين، وصليت وحيداً دون أن أسأل عن الحكم الشرعي في وحدتي التي ليس منها بد في صلاة بلا سجدات على أرواح كل الأدباء اليابانيين الذي انتحروا، وسبحت الله عدد النساء اللائي أوجعتهن الحاجة والعوز فعملن خادمات بالأدب الروسي، وحمدته بعدد البروليتاريين الأزليين؛ فوحدهم يفوقون النجوم عدداً-وسطوعاً !
باســــــــــــل
آذار- 2012