يا ربة الشعر رديني إليك... إلى أبجديتي المسلوبة... إلى أهلي الذين كانوا يخبئون أحلامهم في حقول قمحهم، وكان قمحهم كأحلامهم لا يكبر، وكلما جئتهم في أول الليل رأيتهم يكنسون ما بقي من النهار وما زاد من أحلامهم عن نبوءات غدهم، ويواعدون نساءهم بعيداً عن شواطئهم كي لا تجفل منهم صغار النوارس، وكلما مروا بجدول غضوا أبصارهم كي لا تعجبهم صورتهم في الماء فتصيبهم عقدة النرجس.
وكانوا يرممون بلا خجل ما سقط من كتابهم المقدس أمام العلم المستبد والرزنامة العجلى، وسمعتُ شيخهم يقول:لا تعبدوا صنماً ولا تاريخاً ولا تحفظوا وصايا أجدادكم عن السيف الدمشقي الذي هزم القنابل الذكية، فكان الله عندهم فكرة لا تحتمل اختلاف التأويل، وكان التأويل لديهم فطرة لا تؤدي إلا اختلافهم وهلاكهم.
باسل