أنا لا أحفظ نشيدك الطويل يا وطني، لكني لم أكن يوماً مرتزقاً، وأنا لا أعرف دم الله في الناصري المصلوب لكني كنت سأحمل عنه الصليب نكاية بصولجان الكهنوت وفداء لعيني أمه العذراء التي ترقبه من بعيد على طريق الآلام مضرجاً بالدماء، وأنا لم أخترع هاتفاً ذكيا ولا حبوب منع الحمل، وقلبي لا تثبطه حاصرات بيتا ولا الفاتنة التي تلاحقها الفراشات فتعثرت بي في الطريق، وأنا لا أعرف الكثير عن الآلهة التي تسكن خلف جدار بلانك ويعتقد الطيبون أنها تسكن في السماء، لكنها تعرف عني الكثير...
وقد يقتلني كائن متناه بالصغر من حمض نووي وغشاء بروتيني يخادع جهازي المناعي، و قد أمت مذموماً بألف طعنة لأني لم أعجب رجلاً ادعى النبوة وقال لأتباعه أن الله يأمرهم بقتلي، وقد أنجو وأمت بحادث سير تسحق فيه فتاة طائشة عظامي بحديد سيارتها ألمانية الصنع، كل ذلك لا يخيفني لكني أخشى أن أموت من فرط احتمالات الموت ...
وقد لا تجد لي الرأسمالية وأسواقها التنافسية الحرة مكاناً، وقد يخطفني الموت عن باب مستشفى لا امتلك تأمينا صحياً فيها، وقد تتركني فتاة لأني لم ألحظ خصلة جديدة في شعرها تغير لونها من لون لا أعرفه إلى لون لا أعرفه وبالطبع لن أعرف الفرق بينهما، وقد يفوتني قطار فأصل أنا ولا يصل، وقد لا أجد من يفهمني، وقد لا أفهم من يجدني، وقد أخطئ برقم على طرف المعادلة فتسقط المعادلة، وقد أنجو من تشرين ...وأنا ابنك العاق يا تشرين .