حسنا، لقد أنستني كلية (finger in every orifice ) كيف تكون براعة الاستهلال .. لنبدأ بـ" إنّ" الرتيبة حتى تغفر لي أثينا غيابي الطويل عن شوارعها، ويا لبيك يا أثينا .
إنّ العزاء الوحيد من مرحلتي العقيمة السابقة أنها قادتني إلى مثال آخر يمكن من خلاله تفسير ظاهرة الإيمان
الكلاسيكي من خلال شخصية الطبيب المؤمن، حيث تتجلى الميكانيكية الغريبة التي يتعطل
فيها العقل السليم فجأة أمام أوضح الواضحات، رغم توافر كافة المعطيات التي تقود
بشكل سلس إلى حقيقة ما و تجعله في النهاية يبرر القتل، ويقدس التاريخ، ويؤمن
بدغمائية الدين الواحد، و لادحضية الإله المحتكر للأمة الواحدة، وللمرة الأولى
أشعر بالامتنان لكلية الطب التي حرمتني منذ تشرين الماضي من الخوض في المشكلات الفلسفية
الأساسية كجدلية المثالية والطبيعية، ومشكلة الشر، ومشكلة العذاب، وحرية الإنسان
في الاختيار، لتهديني في النهاية مشكلة
أكثر أناقة وأكثر طواعية يمكن من خلالها إبراز العناصر الأساسية في سيكولوجيا
العقل المؤمن بآلهة لو جرب لثانية واحدة إسقاط
رواسب الطفولة الثقيلة، وقدسية الوصايا، لوجد نفسه ضحية أكبر مؤامرة دبرها عقله
ضده، ومجددا دعك ممن ألقوا عليك الوصايا، لم يكذب عليك أحد سواك.
وليس الغرض من هذه التدوينة نسف نظرية التصميم الذكي، وليس بالطبع
الانقياد وراء الفكرة الغريبة لمن زعموا بأن وجود المصمم الذكي يستدعي بالضرورة أن
لا يخلق سوى تصميمات ذكية ما يجعل دحض الثانية نفي لوجود المصمم الذكي، وليس أيضا
الخوض في فلسفة المرض والغاية منه ولا تنتظر تلك الردود الغريبة ممن نجحوا بإقناع
الناس أن غاية المرض التكفير عن الخطايا ونجحوا بجعل الناس يتمنون المرض بل دعوا
لعدم العلاج لنيل الأجر والتخفيف من عذاب الآخرة في نصوص أقل ما يقال عنها أنها تاريخية
بائدة ومروعة، بل إن هذه التدوينة مجرد محاولة أخرى لتوضيح مفهوم التفكير الحدسي البديهي
الذي يقوم به العقل للوصول للإيمان وهو نمط تفكيري خاطئ يصعب إقناع من يقع فيه أنه
ضحية لتراكمات سميكة من هذا النمط التفكيري الذي ترتكز عليه منظومته الإيمانية
المقدسة والتي كلما ازدادت تراكماً ازداد إيمانه صلابة وازداد وقوعه بأخطاء لو
انقشعت الغشاوة عن عينه للطم خديه حسرة على سباته العميق وانخداعه الطويل بهذا
النمط التفكيري، وفجيعته باكتشاف أن إيمانه لم يكن سوى نتاج لهذا التفكير الحدسي،
وتجدر الإشارة إلى أن التدوينة تقدم مثال لفكرة عامة ولا تعنى بدراسة الطبيب المؤمن
أو تناقضاته على وجه الخصوص بقدر ما هي حالة يمكن تعميمها في فهم سيكولوجيا
الإيمان.
الأقرب لحليب الأم breast milk vs formula
رغم أن
الدعاية لأي منتج تقوم بشكل أساسي على المبالغة المفرطة في ترويجه، فمثلا إذا أرادت
شركة عطور للرجال الترويج لأحد منتجاتها فان أكثر الأفكار تقليدية لدعاية هذا
المنتج هو تصوير رجل يستعمل هذا العطر وتركض خلفه عشرات الفتيات انجذاباً، ككل الإعلانات
التي تقوم بالضرورة على المبالغة، لكن الشركات المصنعة لحليب الأطفال لا تجرؤ على
القيام بذلك، وأقصى ما يمكنها قوله هو أن منتجها هو الأقرب لحليب الأم، وذلك انصياعاً للفكرة
السائدة عن حليب الأم المثالي، فهل حليب الأم مثالي حقا ؟ !
لست بحاجة للحديث عن فوائد حليب الأم ومزاياه عن الحليب الصناعي لأن
كل أم في العالم تحفظ هذه المحاضرة جيداً، ولان الحقائق حول هذا الأمر غير قابلة
للتشكيك، لكن الحقيقة الأخرى هو أن حليب الأم أيضا ليس مثالي بل انه ينقص عدد من
المواد الهامة جدا مثال فيتامين D وفيتامين K والحديد والفلورايد
وكلها مواد يجب تزويد الطفل بها في شهوره الأولى والاعتماد التام على حليب الأم
يؤدي لنقص في هذه المواد والأمراض المترتبة عليها من نزيف وهشاشة عظام وفقر دم، بل
إن حليب الأم في بعض الحالات مثل phenylketonuria يعتبر مادة سامة للطفل
تؤدي لإصابته بتخلف عقلي شديد مزمن ما لم يتم تزويد الطفل بحليب صناعي خاص يخلو من
المادة الموجودة في حليب الأم وتؤدي لإصابته بالتخلف العقلي لنهاية حياته ولحسن
الحظ أن العلم الذي لا يحمده أحد وجد الطريق للاكتشاف المبكر للمرض ووجد الطريق
لصناعة الحليب الخاص لهذه الحالة .
بالعودة لموضوع التدوينة فكل طبيب يعرف الحقائق البسيطة أعلاه أكثر بالطبع من طالب طب بمستواه الخامس مثلي لكنه وكمثال لعقلية المؤمن الكلاسيكي وتفكيره البديهي لا يخطر بباله للحظة واحدة أن هذه المعطيات تعني أن حليب الأم أيضا غير مثالي، هذا هو الوصف الأدق للحالة الغريبة للعقل المؤمن الذي يمتلك كل المعطيات ولا يستطيع الوصول للنتيجة البسيطة، وفي أحيان أخرى يسلم بنتائج تقدم له جاهزة دون أدنى معطيات، بامكانك أن تسأل أي طبيب عن هذه المعلومات وسيؤكدها، لكنه سيتفاجئ اذا اخبرته أن حليب الأم غير مثالي وسيبدو الاستنتاج غريب جدا بالنسبة له ومع ذلك حين يكتشفه لا يجد أي مشكلة عقائدية فيه ويجب أن تخبره أيضاً انها مشكلة عقائدية.
وتجدر الإشارة هنا لأصحاب نفس التفكير الدغمائي أنه لا يجوز أن تحتج بأن حليب الأم يعتبر الأفضل اذا تمت مقارنته وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها، لكني هنا أتحدث عن المثالية والتصميم الذكي وليس "كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه "
preeclampsia and eclampsia
تعد مشكلة ارتفاع ضغط دم الحوامل واحدة من أشهر الحالات المرضية التي
تصاحب الحمل عالميا وتشير الإحصائيات لحدوثها في ٨-٥٪ من مجمل حالات الحمل والتي يتعامل
معها أطباء النساء والولادة بشكل يومي .
الشرح البسيط لهذه المشكلة الصحية رغم كونه محل دراسة وعدد كبير من النظريات لكن يمكن الجزم بأن السبب في ارتفاع ضغط الأم هو مواد يفرزها الجنين ومشيميته، حيث يقوم هذا الجنين -المسخ- بإفراز مواد تؤدي لرفع ضغط دم أمه لدرجة رهيبة يمكن أن تؤدي لاعتلال في الرؤية، تدمير للكبد أو الكلى أو أي عضو آخر، كم يؤدي إلى نوبة من الصرع والتشنجات العنيفة، نزيف حاد في الدماغ قد يؤدي في النهاية لقتل الأم، والطريقة الوحيدة لإيقاف كل ذلك هو التخلص من الجنين وإخراجه فورا إلا أن العلم يحاول إنقاذ الجنين والأم معا بتأخير استخراج الجنين حتى يصبح قادرا على الحياة خارج الرحم، وللمهتمين باللغة العلمية وللأمانة العلمية التي قد تخونني في التعبير فهذا ما ينقله حرفيا أحد أشهر المراجع الطبية في مجال النساء والولادة عن المرض وهو ما حاولت توضيحه أعلاه
"The hypertensive disorders of pregnancy are major contributors to
maternal and perinatal morbidity and mortality. In the mother, they can cause
multiorgan system dysfunction including renal failure, hepatic failure, central
nervous system (CNS) hemorrhage and stroke, pulmonary edema, placental
abruption and disseminated intravascular coagulation (DIC). Fetal and neonatal
complications include growth restriction, prematurity, and perinatal death. The
Centers for Disease Control and Prevention (CDC) have reported that
preeclampsia/eclampsia is the third leading cause of maternal mortality in the
United States, primarily due to CNS hemorrhage .
Because of the resolution of the preeclampsia after delivery, most
attention has been focused on the placenta and the uterine-placental-fetal
interface."
Hacker and Moore's Essentials of
Obstetrics and Gynecology , Fifth Edition
هل يعرف الأطباء ذلك؟ بالطبع نعم فهذه معلومات بسيطة يعرفها أي طبيب
وبكل تفاصيلها العليمة الدقيقة فوق ما يعرف مشروع طبيب مثلي .. هل
يرون في ذلك أي مشكلة عقائدية؟ بالطبع لا. وهذا هو المثال الآخر على تجمد الفكر
رغم وجود كافة المعطيات، انه العجز عن التفكير المحايد، هل ينكرون أن هذه مشكلة عقائدية
؟ لا لا يستطيعون إنكار ذلك لكنهم بحاجة لمن يقدم لهم الاستنتاج المبني على معطيات
يعرفونها جيدا، هم بحاجة لمن يقولها لهم جاهزة أن هذه مشكلة عقائدية !! لكنهم بكل
ما يعرفوه من تفاصيل لا يستطيعون الوصول للاستنتاج البسيط بأن هذه مشكلة عقائدية
تناقض نصف إيمانهم الصلب ، والغريب أن العكس يحدث بشكل يومي ، أي قدرتهم على
استنتاج عظمة الخالق من عظيم صنعه للجسد البشري، ومرة أخرى تجدر الإشارة بأننا
نتحدث عن المثالية ، عن ال ١٠٠٪.
Rhesus Isoimmunization
تعد هذه
المشكلة أيضا من أكثر مشكلات الحمل شيوعاً وتصل نسبة حدوثها إلى حالة من بين كل
ست حالات حمل، والتوضيح البسيط دون تعقيداته العلمية لهذه المشكلة هي اختلاف في
تركيب دم الأم والجنين بحيث يؤدي أي اختلاط بينهما إلى إفراز الأم لأجسام مضادة
تقوم بتدمير دم الجنين بالكامل وقتله داخل الرحم ولحسن الحظ أيضا أن العلم وجد
الحل لهذه المشكلة لكن العقل المؤمن للطبيب لا يجد في ذلك أي مشكلة بل ويمكن أن يحدثك بكل صفاقة عن العدل الإلهي بكيف يمكن أن تهاجم الأمة جنينها أحيانا كما في حالة ال Rhesus Isoimmunization وبين مهاجمة الجنين لأمه في ال preeclampsia and
eclampsia لكنه لا يستطيع أن يدرك حجم الفاجعة العقائدية
في كلا المرضين حتى وهو يرى يومياً بأم عينه إمرأة حامل بشهرها الثامن تصرع على درج المستشفى في
نوبة من التشنجات الرهيبة التي يسببها الجنين أو رأى كيف تقوم الأم بتفتيت دم
جنينها بسبب اختلاف تركيب دمه عن دمها وتقتله.
وللمهتمين مرة أخرى باللغة العلمية:
Rhesus
(Rh) isoimmunization is an immunologic disorder that occurs in a pregnant,
Rh-negative patient carrying an Rh-positive fetus. The immunologic system in
the mother is stimulated to produce antibodies to the Rh antigen, which then
cross the placenta and destroy fetal red blood cells.
Hacker and Moore's Essentials of
Obstetrics and Gynecology , Fifth Edition
مجددا هي حالة عامة لا تقتصر على الطبيب، هي التوقف المفاجئ عن
التفكير، هي عقلية تجاهل وظيفة عضلات الأذن، وضرس العقل، والزائدة الدودية، هي
عقلية تقبل الأخطاء الشنيعة لجهاز المناعة في جسم الإنسان - للمرة الألف لا تحدثني
عن مزاياه فنحن نحاكم المثالية- هي نفس عقلية جمال الدين الأفغاني حين يتحدث عن
النشوء والتطور، وهي نفس عقلية تقبل التشوهات الخلقية الرهيبة بحجج واهية أو تجاهل
التفكير بمعناها، هي نفس عقلية المؤمن الذي لا يمكن أن يفهم أن كثير من تاريخه المقدس عبارة عن جرائم فظيعة فقط لأنها جاءت على شكل تاريخ مقدس ولو قدمت له نفس الرواية بشكل منفصل عن تاريخه المحايد لانفعل بشدة من قبحها وشناعتها، نفس العقلية التي ترى السذاجة والخرافة في روايات الآخر ولا يراها في ايمانه فقط لانها من ايمانه الخاص.
اذا أعجبتك عينا
محبوبتك فاعلم أن غيرها ولدت بعين واحدة وسط وجهها كالمسخ cyclopia
، واذا أعجبك
ابنك وهو يخطو خطواته الأولى واقفا فاعلم أن أطفالاً آخرين ولدوا بصك وفاة مسبق
بعد عام واحد فقط لعجز عضلاتهم عن الانقباض، وإذا غرك عقلك فاعلم أن غيرك مر على الحياة
سريعا بلا دماغ anencephaly، وان كنت تجد حكمة من عدد أي شيء بالجسم فاعلم
انه يمكن أن يزيد أو ينقص دون سبب واضح، وان هناك من ولد بكلية واحدة وهناك من ولد بثلاث،
هناك من ولدت بلا رحم وهناك من ولدت باثنين، واذا كنت سعيدا بتصنيفك كذكر أو أنثى
فاعلم أن غيرك ولدوا بلا تصنيف ولا يمكن تصنيفهم في أي من الجنسين، لأن الذي
يجتهدون في الوصول لحكم قيادة المرأة للسيارة لن يخبرونا عن حكم المصابين بـــ
- 5-alpha reductase deficiency
- androgen insensitivity syndrome,
- gonadal dysgenesis (partial & complete),
- Klinefelter syndrome,
- ovo-testes,
- partial androgen insensitivity syndrome,
- progestin-induced virilisation,
- Swyer syndrome,
- Turner syndrome.
هل يحق لكل هؤلاء الذين يصعب تصنيفهم كذكور أو إناث قيادة السيارة أم
لا؟ وما هو تعريف الذكر والأنثى أصلا، الجينات، الهرمونات، الأعضاء التناسلية
الداخلية، الأعضاء التناسلية الخارجية - هذه تهمكم جدا- ، يؤسفني إخباركم اذن أن هذه المتغيرات لا
تؤدي دائما لذكر أو أنثى وأنا هناك الكثير ممن يقعون بين هذا وذاك pseudohermaphroditism ومرة أخرى هل يعرف الأطباء ذلك؟ بالطبع يعرفون، هل يعيدون التفكير ولو
للحظة بمنظومتهم الإيمانية بالطبع لا.
يوجد أجناس عدة لا يمكن تصنيفها، ولا حتى بحدود الثقافة السطحية عن وجود جنس ثالث لانه في الحقيقة يوجد ثالث ورابع وخامس وسادس وما لا يمكنني عده، ولا يعرف عنهم مشرعو هذه الأمة المشغولون بحكم قيادة المرأة للسيارة، ولا يفكر الذين يعرفون عنهم جيدا من أطباء وعلماء متيبسين في إيمانهم اللعين للحظة واحدة بإعادة النظر في منظوماتهم الإيمانية، ولا يفكرون للحظة الانحياز لأخوتهم الممسوخين بلا ذنب، لن تكون إنسانا قبل أن تصبح قضية كل إنسان في العالم قضيتك. هل يجوز لهم قيادة السيارة، كيف يعاملوا في قضايا الميراث، الحجاب، الزواج، الطهارة؟؟
إن أخطر ما في هذا الموضوع، هو الترويج المروع والمنافي لكل القيم والأخلاق والمبادئ العلمية بأن هذه التشوهات ناتجة عن سلوكيات معينة من قبل الزوجين، بلغة بعيدة كل البعد عن أي علم أو عقل ومع ذلك لقيت رواجاً واسعاً، من عبدة الحياد وراحة الضمير، وإن ما ذكر في هذه التدوينة ليس سوى جزء يسير من مئات الأدلة على سقوط نظرية التصميم الذكي التي أعود للتأكيد على كونها لا تعنيني، وعلى كونها فكرة مستهلكة خاض بها كثيرون وتسبب بها من ربطوا ذكاء المصمم بذكاء تصميماته بالضرورة، وأعود للتأكيد أن هذه التدوينة ليست سوى محاولة أخرى لتوضيح سيكولوجيا الإيمان ونمطية التفكير الحدسي البديهي للمؤمن باتخاذ الطبيب المؤمن كمثال وحالة للدراسة لا أكثر، إلى جانب عشرات الحالات الأخرى التي يمكن دراستها والتي ستخلص في النهاية إلى كون العقل المؤمن ليس عقل غبي ولا ساذج ولا يفتقر للمعرفة والمعطيات لكنه معطل بشكل غريب في جزء ضيق من مراكز العمليات فيه بحيث يقفز بديهيا على الاستنتاج السلس للمعطيات ويتغاضى عنه بلا وعي ويعجز عن معالجة المعطيات التي يمتلكها بطريقة محايدة وغير منافقة وغير مترددة ولا بائسة، والعكس تماما بتقبل استنتاجات جاهزة دون أي معطيات فقط لأنها جاءت على شكل استنتاجات جاهزة لدرجة أنه يمكن ببساطة أن يصدق أنه ليس عليه التداوي لأن ذلك يخفف من عذابه في الاخرة، بل وانه يمتلك القدرة على الرجوع بالعملية الفكرية لدرجة إيجاد معطيات تثبت صحة ما تلقاه على شكل استنتاج جاهز.
إن كان ثمة ما أعرفه عن الله فهو أنه غير ممتن لك على نفاقك وتغاضيك
عن كل ما سبق، وغير ممتن لدفاعك عنه مستغلا فجواتك العقلية وتفكيرك البديهي، وأنك
أكثر خلقه تعاسة إن ظننت انك قادر على الدفاع عنه، أو حاجته لمن يدافع عنه سيما بائس مثلك سيدافع
عنه بالتفكير الحدسي والفجوات المنطقية، أو ظننت انه ممتن لخوفك منه وخيانتك لنفسك
في سبيل ذلك، وأن عليك لعائن الآلهة كلها يا مأفون من قمة الأولمب لسفح النور مرورا بأسوار الفاتيكان إن ظننت أنه ممتن لك اذا التزمت الحياد، ألا تعساً لك ولحيادك.
إن ارتكاز العقل المؤمن على الحدس والبديهيات يجعله يقع بشكل مستمر
ضحية سلسلة طويلة من الأخطاء التي تعكس صلابة إيمانه المبني على إجابات حدسية
مراوغة وخاطئة، وهذا ما حاولت توضيحه في شخصية الطبيب المؤمن الذي يعرف كل ذلك ولا
يعاني من أي مشكلة عقائدية ولا أدنى شعور بالتناقض، بل ولا يمكن أن يختبر هذه
الأزمة العقائدية رغم أن ما يفصله عنها شعرة واحدة، وهذا تماما ما أفرزته الدراسة
الشهيرة التي قام بها عالم الأعصاب والفيلسوف جوشوا غرين وزملاؤه بجامعة هارفرد
حين قاموا بطرح سؤال مراوغ أخطأ كل أصحاب العقائد الإيمانية في إجابته رغم بساطته
وذلك بسبب تفكيرهم الحدسي، فاذا افترضنا أن ثمن كرة ومضرب معا هو ١.١ دولار وكان
سعر المضرب يزيد عن سعر الكرة بدولار واحد فما هو سعر كل منهما ؟!
اذا كنت عزيزي القارئ تعتقد أن سعر الكرة هو ٠.١ وسعر المضرب هو دولار
واحد فأنت ضحية التفكير الحدسي وكل منظومتك الايمانية تقوم على أخطاء فاضحة
ومتراكمة ستستغرب أنت نفسك من حجمها حين تستيقظ من سباتك، وأن أقدس ما تؤمن به جاء اليك بنفس الطريقة الحدسية البديهية المخادعة وان الحقيقة كانت لصق عينيك ولم تراها.
س + ص = 1.1
س - ص = 1
طالب في المرحلة الاعدادية يستطيع حل معادلتين خطيتين بمتغيرين
سعر الكرة هو 0.05 دولار
س - ص = 1
طالب في المرحلة الاعدادية يستطيع حل معادلتين خطيتين بمتغيرين
لم يكذب عليك أحد سواك
باسل