ثم خسرنا أوطاننا، حين
عقرَ العربيُ خيلَه وباع أعرافَها في منصات عصبة الأمم، وحين خَفَتَ صهيلها ألقى
الجنودُ سيوفهم عند أسوار أورشليم، لم تخنهم جسارتهم أمام عدوهم كما خانتهم أمام
حبهم، بل آمنوا طواعية بأن سُنة الله في هذه المدينة تتابع الفاتحين والمراحل، وهم
جاءوا في زمن الهزائم.
ثم خسرنا الرفاق، فقط لأننا كبرنا، وضاقت بأحلامنا أزقة الحي وشوارعه الضيقة، ولأنَّ خوفنا من غدنا فاق حبنا لأمسنا ولذاكراتنا المتناثرة كالبيلسان على سطوح البيوت القديمة، فرحل الرفاق وأصبحوا يعودون للحي كل صيف، ثم عادوا على عجل ذات خريف بعد عامين، ثم انقطعت أخبارهم !
باسل