قد حزمتُ حقائبي خفيفةً لمواسم عينيك بلا خوف من سطوة الشتاء القادم، فخذني إلى بلاد لا تغري خيل الفاتحين ولا أسراب الطيور المهاجرة من بلاد الحرب والزعتر، وسنبني معا متراساً من الحب كي لا يرانا حرس الحدود الذين لا يعرفون الفرق بين دمنا والبضائع المهربة ما دمنا لا نحمل وثيقة سفر.
وسنخالف تقاليد الأوطان التي جئنا منها لنموت ها هنا فجأة دون طول احتضار، ولن نطلب المغفرة من أحد، فلم نذنب إلا بحق غرناطة التي لم ندافع عنها كما ينبغي، خمسة قرون يا غرناطة ولم نغير عادتنا البائسة في اضاعة المدن وعد السبايا.
قالت غرناطة للفاتحين الجدد: لا تكسروا قلب امرأة فتُكسَر هيبتكم، ولا تطلقوا العنان لخيلكم فتستباح مدينتكم، ولا تأمنوا عواقب الدهر فهذه قصور من قبلكم !
وأنا إن متُّ يا قلبي فاعتذِرْ لقرطاجة التي لم أدافع عنها حين حملها الروم من الصبا إلى النهوند، واعتذِرْ لأطفال العالم الثالث الذين لم يحلموا بأكثر من أن يروا اشارة مرور ضوئية أو علاج للملاريا، واعتذِرْ لصدفة كنت قد اتهمتها ظلماً بالخوارزمية،واعتذِرْ للفكرة التي لم أكملها، واعتذِرْ لفتاة تنتظرني في مدينتها التي خلف الضباب ...
ولا تعتذِرْ لبلادي فقد اعتادت أن نودعها صغاراً ولا نكبر.
باســل